الأحد، ١ أبريل ٢٠٠٧

خِطَابٌ مدمُوغٌ بِالعَّار..



خِطَابٌ مدمُوغٌ بِالعَّار..

إهداء
لَنَا حِينَ نسلكُ الطرقَ الرَّديئة،
حِينَ نَرتَضي بكراتِ الوحلِ زَيتُونًا،
حِينَ نَقرضُ تَجشُؤاتنا في قَصيدة،
أو حِينَ نَلبسُ العَباءةَ القيصَريةَ لنتلو في صَلواتِنا " إنَّ اللهَ لا يُحبُ كلَّ مختال فخور"

استهلال..

" أين الطريق إلى جهنم؟
فالحياة هنا بكف الموت قنبلة يوشك أن يفجرها الفتيل"
حسن بيومي

(.)

خَطُّ استِواء يَختَرقُ ذَاكَ الجَسَدِ الجَدِيدِ مارًا بالفُؤادِ مُودعًا إياه سر القلُوبِ الكَبيرة.

(1)

ألقَاها في صَدْرِ الشَّارعِ ،
نَبْضُ فُؤادٍ مُؤَجَّلٍ
مُفَجر
فَوقَ أرصفةِ ضوءٍ لا ينتمي لها هنا
بَينَ بنَاياتٍ سَكنتنا لكنها لفظتنا.
مِرْسَالُ عُيون يمزجنَا،
يُسكرُ قَامتينا،
يَسكبنا في جَسدٍ واحد.
آه يا رَفيقة،
سَعيدةٌ أنا ؛
لأنكِ هنا تلهوين بقطعِ جَسَدِي المُبعثرة.
تكتُبيني بحبرِنا الخفي،
مَزِيجُ قَطْرتي دَمنا،
بقيةٌ من ثَرى مَنْف القَدِيمة،
قَليلٌ من زَهرِ البَنَفسجِ المَزروعِ بمَسَاماتنا الصَّغيرة.
تَذكرين الحَكايا القَدِيمة،
حينَ كُنا دواري شَمسٍ مَشْرقيّة،
و حِينَ أسْدلنا فُستَانينا الأسودين
فَوقَ البَدرِ لنحيله مُحاقًا.
آه يا رَفيقة،
سعيدة أنا !!
فإني أفهمُ سِرَ القلُوبِ الكبيرة.

(2)

وحَولَ صَاريتكِ الأخيرةِ أدورُ وحِيدةً تَلْحقني ترنيماتِ غرابٍ كَاحِل السَّواد.

(3)

دُخَانٌ كَثِيفٌ يَخْتَرقُه طَيْفُ خواءٍ عَظِيمْ.

(4)

أنْتفضُ فيُغَادِرني ذَاكَ الخَطّ المستَوي.

(5)

مَدَارٌ للسَّرَطَانِ يَخْتَرقُ هذه العُيون المذهُولة ليَنزعها شَيئًا من هَيبتها القُدسِيّة.

(6)

أتَحَسسُ مَسِيري،
بجِدَارٍ يَحجبُني الرؤية.
يَتَوقفُ جَسَدِي فأسألُ:
" أين؟"
فيقُولون: " حَي الحُسَين "
فأهْتفُ: " هنا يَرقدُ الحُسَين؟! "
فيُجيبُون: " نعم، هنا يَرقدُ الحسين "
واشْتاقَ قَلبِي للحسين،
و مَقامِ الحسين،
و جَلال الحسين،
و يَدِ الحسين.
يا حسين،
هَل يَستَحيلُ قَدَحُ اللبنِ (( قُدسي الصنْع))
كَأسَ مارتيني (( طِيني الصُنع))؟
وجِرارُ الفِضةِ أتنكسرُ لتغدو
جَرةَ فُخارٍ مَمزوج بالقَشِ ؟
آه يا حسين
أيُّ آلام أقاسيها؟؟!
ووحيدة بَكيتُ حَولَ الحسين عشرةً من الأعوامِ
أناجي الحسين
و أخبئ دُموعي في دِهليز جَنْب الحسين.

(7)

في الأفقِ السَّيمفونيةُ القَذِرة يُعادُ تَصديرها بَعدَ إعادةِ تَغْليفٍ و تَنميقٍ و تَطميس.

(8)

يَنْفرُ الدُخَانُ من شيءٍ مُوحش و مُقزز.

(9)

أنُتَفِضُ فيغادرني المَدارُ القَديم .

(10)

مَدَارٌ للجَدي يَخْترقُ هَذا الجَسَد المنهَك فَيبترُ له قَدمًا

(11)

الوجُوهُ هنا قَوالب إسْمنتية،
منحوتة فوقها ابْتسامات صَخريّة.
و الإلهُ هنا ورقةٌ ذَات وجْهَين
بغيضين،
يَلتفُ بينهما دوارُ جهنم شرْقيّة.
ورَماديٌ يرقدُ هنا الحُسين
يَنسابُ خَيطًا،
يَتَلاشى خَيطًا،
يَتَمادى بِدونِ رؤية.
ديوانُ الشّعرِ القَديمِ منثورة أوراقه
فَوقَ قَبره
بين صَدره
منْسوجة في خيوطِ كفنه
تَتَوازى و مَسَارات بنانه.
أمضي بعُكازٍ من خشبِ الزان
لأسأل النَاسَ:
" بحقِ الله "
الصّورُ منيرةٌ حَد العمَى
لكنهم لا يعطوني شيئا
فأسأل:
" بحقِ الحسين!"
قَنَاديلُ بني هاشم مازالت تملأ عيني
لكنهم لا يعطوني
فأسأل:
" بحقِ الشَّمسِ، بحقِ استكانة الأرواحِ فَوقَ أعتابِ المذابحِ القُدسيّة!"
و لا يعطوني شيئاً
فأسأل:
" بحقِ جهنم، بحَقِ الشّيطانِ ، بحقِ الدِّماءِ السَّوداءِ في قُبُورِ المُبعدين! "
فيعطوني لأشبعَ حتى السَّواد.

(12)

انتِفَاخٌ حَد سَوادٍ جديدٍ، مُبهرٍ بقذارةٍ حَد السَّكرْ.

(13)

ومَلامحُ الوَجهِ المُوحشِ تَستبين.

(14)

أنتفضُ فيغادرني المدار الجديد.

(15)

مَداران قَصيان يَخْترقان ذاكَ الجَسدَ المُحتضرَ في ذاتِ اللحظةِ ليغتَالا له بقية مَا بقي.

(16)

موَائدُ الطِينِ فاخرة.
أتَناولُ زَيتونًا من كراتِ الوحل،
و أتبعُه برشفةٍ من كأسِ لبنٍ ممزوج بحباتِ تراب.
أتجشأ،
فيخبروني: " ما أحلاها من قصيدة!"
الليلةَ أتسللُ لأصلي جنبَ الحُسين،
أرتَدي ملابسي القيصرية
وأجلسُ عِندَ الحُسين
فأصلي و أناجي
" يا حسين!"
فكأنَ يد الحُسين تهدهدني.
أعتدلُ لأرحل
لكني قبلاً أكشفُ عن فأسٍ
ذهبية
و عليها نقوش فينيقية
و بِحلمٍ أنبشُ قبرَ الحسين
وأهدمُ جَلال الحسين
و مقام الحسن
و يد الحسين.
و بنفسِ الفأسِ أهدمُ صاريتكِ يا رفيقة
يتصدعُ صدرُ المسارِ
و ينحني،
لينكسر و ينتهي.
زنابقٌ سوداء تختنق،
في قبضةِ كف.
و الزيتون الأخضر
يستعيرُ رداء الزنبقةِ السوداء.
" أيمكنُ أن يوجدَ لون أسود وكئيب هكذا"

(17)

انفجارٌ أسود متداخل بالذهول.

(18)

مَطموس الملمح

(19)

أنتفضُ فلا يبقى هناك جسد

(20)

تلاشي


0 تعليقات: